العمارة المتحركة التفاعلية


يعد توليد طاقة المبنى بواسطة واجهاته الخارجية من أهم الاتجاهات الإبداعية التي اتبعها العديد من المعماريين المعاصرين مستفيدين من مصادر الطاقة المتجددة. مما فسح المجال لمجموعة كبيرة من التطبيقات بأن ترى النور وتخلق فراغات ملائمة للبيئة وللإنسان ضمن عمل معماري متكامل. كشف خلال العقد الأخير عن الكثير من الأساليب الجديدة في العمارة والتي تطورت للاستجابة لتدفق الطاقة، بشقيها الطبيعية والصناعية، ويؤثر ذلك بشكل أساسي على أداء المبني وراحة مستخدميه.
أحد اهم الأمثلة التي تحقق العمارة المتحركة التفاعلية (هو مبنى سكنى متحرك) ويوجد في ضاحية داروس في طهران الإيرانية صمم المعماريون Nextoffice – Alireza Taghaboni مبناهم السكني المتحرك.

هذا المنزل الذي يمكنه أن يستجيب لمتطلبات الطقس والوظيفة بمرونة شكلية غير مسبوقة متحدياً شكل أرض موقعه المستطيل بعمقها الكبير وواجهاتها الضيقة.

من هنا فكر المعماريون "خارج الصندوق" وقاموا بخلق حجوم صندوقية ثلاث على الواجهة من أجل أن يحولوا الواجهة الثنائية البعد إلى واجهة ثلاثية البعد، وبإلهامٍ من فهم المنازل الإيرانية التقليدية التي تقدم إنفتاحاً وإنغلاقاً متجاوباً مع تغييرات الطقس من خلال وجود غرفة المعيشة الشتوية المسماة "زيميستان-نيشين" وغرفة المعيشة الصيفية "تابيستان-نيشين".
وهكذا يقدم منزل شريفي-ها في أيام الصيف حجماً مفتوحاً وشفافاً ذو تراسات كبيرة وواسعة؛ وعكس ذلك خلال أيام شتاء طهران القاسي تنغلق الحجوم لتقدم فتحات قليلة وغياباً كاملاً للتراسات الصيفية.

تم توزيع المنزل على سبعة طوابق حيث تم توضيع العائلة وفعاليات الرياضة في طابقي القبو تحت الأرض، بينما تقع في الطابق الأرضي غرف الخدم ومواقف السيارات، أما في الطابق الأول والثاني توجد الفعاليات العامة، في حين تقع الفراغات الحياتية الخاصة للعائلة في الطابقين الثالث والرابع.
يتألف المشروع من أربع أقسام رئيسية: إنشاء المبنى الثابت، الفراغ المركزي الداخلي، الحجم الصندوقي الثابت، والحجم الصندوقي المتحرك.

عندما تنغلق الصناديق تدخل أشعة الشمس عن طريق الفراغ المركزي الداخلي والذي يصل بدوره الحجمين الثابتين عن طريق جسور معلقة.
يتبنى المنزل الحاجات الوظيفية لقاطنيه؛ فعل سبيل المثال، وبناءً على حالة الضيف فيما إذا كان يشعر بالحرج أم لا، يمكن لغرفة الضيوف التي تقع في الطابق الثاني و تتخذ وظائف مختلفة.
وبشكلٍ مشابه يمكن لغرف المكتب وغرف الإفطار المتحركة والمتواجدة في الطوابق الأول والثالث أن تغير شكل ظهورها بحسب رغبات قاطنيها؛ بمعنىً آخر، توجد دائماً إمكانية سيناريوهات مختلفة للإنارة والطقس.


عني المعماريون بأدق التفاصيل فهم لم يهملوا على سبيل المثال؛ وجود ثلاثة أشجار صنوبر خارج المبنى، بل رأوا فيها إمكانية دمجها ضمن فراغات الداخل؛ وبالتالي درسوا وحققوا إمكانية أن تظهر تلك الأشجار في مجال رؤية نوافذ المنزل في حالة انفتاحه.

كما قام المعماريون بالتراجع ثلاثة أمتارٍ إلى ما وراء حدود موقع البناء سامحين لنورٍ طبيعي مميز بالدخول إلى القبو عبر زجاج حوض ونافورة في الطابق الأرضي.

وقد يخيل للبعض أنه ولا بد أن المعماريين قد قاموا بإستخدام تقنياتٍ خارقة من أجل تدوير الحجوم الصندوقية في مبناهم؛ ولكن الأمر أبسط من ذلك كما يشرح المعماريون، فهم لجأوا إلى تقنيات تدوير وتحريك الفراغات المسرحية وتدوير أرضيات معارض السيارات، والتي تم تعديلها وتوظيفها على يد شركات فولاذ وصناعة الشحن في إيران.
ولكنهم أيضاً رضخوا لطلب الزبون الذي يدير أعمالاً مع ألمانيا في تصنيع نظام الإنشاء هناك، والذي أراد من طلبه هذا تدريب موظفي شركته على أعمال صيانة منزله بتلك الطريقة.


وقد راعى المعماريون تفاصيل هامة كضبط طرائق منع تسرب الهواء وتنعيم حواف الحجوم الصندوقية بحيث يتم ضبط الحركة وتمكين الغلق والفتح التامين، كذلك دراسة الأحمال التي تم تحويلها لتستند جميعها على الجسور الإنشائية لغرف المعيشة ودراستها بشكل دقيق ووافي لضمان الديمومة مع الحركة.



0 التعليقات :